مشهد مصغر عن الخوخة
يمنات
مجاهد القب
هناك حيث سكن الموت.. السماء تمطر جحيماً .. زخات رصاص وحمم قذائف.. صباح اليوم سقطت قذائف اخرى على منزل احد الصالحين بالقرب من ورشة النجارة التي الفت الجلوس فيها مستمعاً لحديث الحاج غالب بقط في قرية القطابا.. حمل ابنه عثمان قريبته وذهب جنوبا كالعادة.
هناك في الخوخة يمتزج الخوف ويقتل السجين .. عصر امس طغى الحقد وتدفق الكره على من قيدت حرياتهم فيما كان يسمى بسجن ادارة امن الخوخة .. وجه فوهة بندقيته واطلق الرصاص على العزل.. اردى احدهم واصاب ثلاثة أخرين.
هناك في الخوخة يموت الناس في منازلهم منذ الخامسة عصر كل يوم .. يفرض حظر التجول بصرامة شديدة… يحمل الصغار والكبار السلاح.. رائحة البارود تملؤا الاجواء.
هناك في الخوخة حيث تملؤا الجثث المتفحمة تلك الحقول الخضراء.. بإمكانك ان ترى جثثاً اخرى منتفخه واخرى عبثت بها الكلاب المتشردة واخرى عافتها الحدءات.
هناك في الخوخة الوطن المصغر للوجه القمحية الكالحة.. منهكةٌ تبدوا هي وجوه اهلي ومن نزح اليها.. الجوع استوطن تلك الاجساد .. استبد بها.. لا سبيل للفكاك من حصار مطبق لئن بكرت بالنزوح جنوباً نحو المخا ستكون صاحب الحظ الوافر في الطيران بإنفجار لغم زرع مساء امس او ربما تلتقطك قذيفه من احد جانبي الطريق.. لا فكاك لك.
هناك في الخوخة تزن الطائرات بأنواعها.. يحدثني احدهم بأسىً وكمد شديد اضحينا ننام متأهبين لنشيع ضحايا القصف.. مزارعين.. صيادين.. عاطلين. كلنا تفرغنا لنشيع بعضنا البعض.. وهكذا نتناقص كل يوم.
هناك في الخوخة حيث يبكي الاولياء وتنتحب الاضرحة وتتهدل اوراق الاشجار حزناً على من كانت تغمرهم الألفه والسعادة والمحبة.
الشريف ابراهيم – المحب – البختيار حتى راعي الجلاب كرام ببرره لا نعرفهم ولكن ننصت بخشوع لسماع قصص اولئك الصالحين الذين نرى اضرحتهم تبكي جزعاً لما اصاب تلك الارض ومن عمليها.